دمشق    18 / 08 / 2011
 

ثقافــــة

2011-08-08 10:36:31  |  الأرشيف

آثار دمشقية كما يراها فنان تشكيلي أسترالي

الأزمنة 269
لا تكاد دمشق تُذكر إلاّ وترد في الذهن حاراتها وأزقتها وبيوتاتها وحميميتها ولطالما كانت مصدر إلهام للعديد من الرسامين العرب منهم والأجانب الذين جابوا بلادنا العربية و استطاعوا أن يحولوا الشرق إلى صفحات براقة وملونة وممتعة ومثيرة للاستغراب.
 لقد أعجبتهم دمشق بسمائها الصافية وآفاقها المضاءة بالشمس المحْمرة وحلموا بقصورها ومساجدها ومآذنها واستسلموا بخيالهم أحياناً بإيحاءات من كتب الرحلات عن معالمها الأثرية من اللازورد ورمال الذهب ومربَّيات الورد الدمشقي, وأحياناً بزيارتهم المتعددة لأسواقها وخاناتها ليحولوها بفرشاتهم وألوانهم إلى لوحات فنية نابضة بإشراق الحياة .
 دمشق. ساروجة. حلب. ليلى والمجنون. وأمينا باد. والنظر للغرب، الأماكن الأثرية والثقافية في كل من سورية ومصر وباكستان وأوزبكستان وأستراليا كانت موضوع لوحات الفنان الأسترالي ديمون كوارسكي في معرضه الذي افتتح في صالة المجلس الثقافي البريطاني بدمشق تحت عنوان (القريب والبعيد).

وقت اللون
 يلاحظ أن معظم الأعمال في هذا المعرض مستقاة من ظلال اللون الأزرق وتدرجاته، وهو اللون الذي اعتمده الفنان في أعماله في السنتين الماضيتين حيث للألوان وقت وأحاسيس، وفي القريب والبعيد يحاول الفنان إظهار هذا من خلال وقت اللوحة إما في وقت مبكر من اليوم أو في وقت متأخر من المساء حين تتهاوى الألوان إلى الأزرق والفضي والأسود والأبيض على ضوء القمر وتكون المدينة هادئة مستظلة بنوره.

التقنية
اعتمد الفنان على تقنية الأكواتينت وهي إحدى تقنيات الطباعة بالحبر بعد أن يتم تسخينه وتكرار الطباعة هو الذي يعطي الإيحاء بالعمق أو السطح فضلاً عن أهميتها في صياغة طبقات من اللون غير كتيمة وفيها فراغات بسيطة على خلفية السطح الأبيض ما يعطيها حيوية أكبر.

لكأنه فن عربي يصنعه أجانب على طريقتهم
الفنان الأسترالي ديمون زار دمشق عام 2009 واستقى منها بعض لوحاته فترى فيها نظرتين نظرة قلقة فيها صمت ثقيل، ونظرة خلاقة تجعلك تستكشف ما وراء الجدران الرمادية والبيوت الخالية إلا من الروح الإنسانية فترى فيها عذوبة المكان وهو يسبح أمام جمال الأرض، جمال المساجد، أصوات الباعة في الأسواق، رائحة العطور والبخور والتوابل، ففي أعماله ثمة سحر حقيقي يؤجج الخيال ويحفزه إذ يعتمد المعرض على عدة مدن أماكن أثرية زارها الفنان حيث عبر عنها بطريقته الخاصة وخلق حالة عشق خاصة بينه وبين المتلقي لأماكن تاريخية زارها, ولحظات عاشها وبقيت في الذاكرة لتجد لها مكاناً على سطح اللوحة الأبيض تتلاءم مع حسّه الجمالي ولتطرح مناقشات من نوع إذا كان هناك فن عربي لوطن عربي أم هناك فنانون أجانب في مدن عربية؛ ففي كلتا الحالتين يعتبر هذا المعرض دافعاً للفنان التشكيلي العربي الحاضر على ضفتين ضفة التراث وضفة المعاصرة ومن ثم المشاركة في صنع الماضي والحاضر والمستقبل.
 الفنان الأسترالي ديمون كوارسكي درس الفن في مدرسة غلاسكو للفنون وعرض بشكل متواصل منذ تخرجه أعمالاً فنية في أستراليا كما في بقية البلدان وعمل كمصور للأعمال الأثرية والعلمية وفي عام 2007 درس الرسم في جامعة لاهور الوطنية وفي شباط 2010 قام بالتدريس في مدرسة الطباعة بمدينة كراتشي ويعمل حالياً على تطوير سلسلة من المطبوعات مستوحاة من أسفاره على طريق الحرير في إيران وأوزبكستان.
ريم الحمش
 
 
 
...تحميل
...تحميل