الإثنين
تموز 2011
بلدنا
اليوم
18
www.baladnaonline.net
الوقت لون.. وظلُّ الأزرق مدنٌ للمساء    
المصدر : روز سليمان   
14/07/2011
 Image«ديمون كوارسكي» في الثقافي البريطاني
يبدو أنَّ العلاقة بين الصورة في خصوصية مُشاهَدة انتقلت عبرها، وبين رغبة الفنان التشكيلي في التعبير عن أمكنة زارها وأوقات عاشها في صورة، ستبقى قابلة للتبدل؛ تبعاً لتطور الأذواق الفنية من جهة، وتبعاً للتقنية التي يتبعها الفنان التشكيلي من جهة أخرى. هذا ما تمّ البحث عنه في معرض الفنان الأسترالي ديمون كوارسكي، المقام حالياً في المجلس الثقافي البريطاني، والمستمرّ حتى السابع من أيلول القادم.
ونتيجته، لم تكن قابلية تبدل العلاقة بين الصورة ورغبة الفنان واسعة، إلا بالقدر الذي يفرض على لوحات هذا المعرض أن تحقّق للمشاهد الانتقال من مكان إلى مكان آخر، بالتوازي مع انتقاله من لوحة إلى لوحة أخرى؛ طالما أنَّ اللوحات لها أن تكون أمكنة في بلدان زارها الفنان، ومن بينها سورية، التي زارها في العام  2009، فضمّ المعرض لوحات مثل: «ساروجة»، و»دمشق»، و»علي حلب»، و»ليلى ومجنون»، و»أمينا باد»، و»النظر للغرب».. والغالبية منها لوحات رسمت في 2010.
ففي لوحات كوارسكي؛ إما أن تكون الصورةُ في حدّ ذاتها رغبة الفنان الحقيقية، وإما أن تأتي رغبةُ الفنان تمثيلاً شاملاً لكثير من الأذواق الفنية، التي لا تزال ترى في الصورة (اللوحة) حالةً صادقة؛ تبعاً لزمانها ومكانها. وكأن ديمون أيقن، من خلال تلك العلاقة، علاقة أكثر تحقيقاً لخصوصية مشاهدته الفنية، هي العلاقة بين الوقت واللون، فكان عنوان معرضه «القريب والبعيد»؛ هو كلّ ما هو قريب من الوقت وكل ما هو بعيد منه.. والعلاقة بين الوقت واللون في لوحات هذا الأسترالي لم تنشأ مما يمكن أن تحتويه الموضة الفنية، بل تتوالد تلقائياً من مشاهدات في ذاكرة الفنان عن تلك الأماكن التي زارها.. القريب من الوقت هو المبكر، والمبكر يعني أكثر ما يعني في لوحات ديمون أنَّ هناك طبقة لونية على السطح أكثر سطوعاً من طبقات تحتها، والبعيد (ما تحتها) هو طبقة لونية عميقة. واللون عند ديمون في البعيد هو المساء متأخراً، ومتجهاً بلونه نحو الأزرق حيناً والأسود حيناً آخر. والفضي والأسود هما انكشاف المدينة مساء، وذهاب الناس إلى نومهم. وبين الاثنتين من الطبقات مسامات أو فراغات لم تمتلئ بالحبر، بل صنعت تلقائياً على هيئة عمق، وبقيت بالأبيض. ولا شيء كان قادراً في لوحات ديمون على التركيز على البعد الزمني أكثر من توالد طبقة لونية من طبقة، ومن ثم بناء اللوحة من تلك الطبقات اللونية التي أوجدتها تقنية الطباعة بالحبر (الإكوانيت)، التي استخدمها الفنان.
معرض «القريب والبعيد» يوحي، عبر بساطة التشكيل فيه ودقة تقنية الطباعة المشغول بها، بأنَّ هناك دوماً ثمة رمزاً فنياً يكمن وراء الشكل ووراء المادة الفنية أيضاً. ومن وراء الشكل ومن وراء المادة، يكون الظلّ في أعمال الفنان هو ظلٌّ لمساء الأزرق، والأحمر هو حرارة مرتفعة جداً في لون شكّل لوحة «آمينا باد 2» مثلاً.. وهناك من ينظر في لوحة إلى الغرب، ينتظر الأزرق، وهناك من ينظر إلى دمشق يرغب في زيارتها من جديد..
 
 
¶ ديمون كوارسكي
فنان أسترالي، درس في مدرسة غلاسكو للفنون، وعمل مصوراً للأعمال الأثرية والعلمية. سافر إلى شمال أفريقيا وغرب آسيا وأوروبا والشرق الأوسط للعمل في الهندسة المعمارية. في العام 2007، درس الرسم في جامعة لاهور الوطنية للرسم. يعمل الفنان حالياً على تطوير سلسلة من المطبوعات، مستوحاة من أسفاره على طريق الحرير، في إيران وأوزبكستان.